رحلتي مع التفكير التصميمي: من ورش GIZ مصر إلى شهادة التدريب في ألمانيا

في يوم عادي من سنة 2016، كنت مشارك في ورشة عمل بتنظمها GIZ Egypt عن “الابتكار الاجتماعي”. وقتها، لأول مرة سمعت مصطلح غريب شوية: التفكير التصميمي.
ما كنتش فاهمه أوي، لكن اللي شدّني وقتها هو التركيز الإنساني الحقيقي، وإزاي بيبدأوا الحل من فهم المشكلة من جذورها ومن منظور الناس اللي بيعانوا منها.
ومع أول تجربة بسيطة لورشة عمل فيها مقابلات ميدانية ونقاشات حية، حسيت إن المنهج ده مختلف فعلًا. لأول مرة ماكانش مطلوب مني أقدم حل مثالي، بل أعيش تجربة الناس، وأفكر معاهم مش بدلهم.
ما هو التفكير التصميمي؟
التفكير التصميمي هو منهج لحل المشكلات بيعتمد على الإبداع والتجربة والإنسانية. بينقسم لخمس مراحل: التعاطف (Empathy)، تحديد المشكلة (Define)، توليد الأفكار (Ideate)، النمذجة (Prototype)، ثم الاختبار (Test).
فكرته الأساسية إننا مانبدأش من الحل، نبدأ من فهم الإنسان اللي عنده المشكلة، وده اللي بيخلي نتائجه دايمًا أكتر تأثيرًا.
وبيتم استخدامه في مجالات كتير جدًا: من تطوير المنتجات والخدمات، للتعليم، للقطاع الصحي، وللإدارة والتسويق.
البداية: ورش GIZ مصر ومجتمعات الابتكار
ورش GIZ فتحت لي باب كبير جدًا. بدأنا بمشروعات اجتماعية بسيطة: تحسين تجربة الشباب في المساحات العامة، تحسين فرص النساء في سوق العمل، حلول لتشجيع الوصول للباحثين عن عمل من العمالة الفنية.
اشتغلت مع فرق متنوعة من طلاب، باحثين، شباب مجتمع مدني، ومبتكرين. وتعلمت من جو الورش إزاي أفكر بشكل جماعي، إزاي أسمع من غير ما أحكم، وإزاي أجرب حل وأشوف رد الفعل قبل ما أكمّله.
كانت الورش دي هي الخطوة الأولى في رحلة طويلة.
من مصر لألمانيا: دراسة التفكير التصميمي من المصدر
بعد 10 شهور من العمل التطوعي والمشاريع المحلية مع GIZ، قررت أعمّق معرفتي. قدمت معاهم على برنامج تدريبي مكثف في ألمانيا، مع نخبة من المدربين النخبة في التفكير التصميمي.
البرنامج كان عالمي بالمعنى الحرفي: فرق من جنسيات وخلفيات مختلفة. كنا بنتعامل مع تحديات حقيقية من شركات كبرى ومنظمات دولية. ومن خلال التجربة دي، قدرت أطور مهاراتي مش بس كمشارك، لكن كـ Facilitator.
اللي تعلمته هناك: إزاي تخلق مساحة آمنة للتجريب، إزاي تطلع من الناس أفكارهم الحقيقية، وإزاي توجه الفريق خطوة بخطوة من المجهول للفكرة الواضحة.
وحصلت على شهادة دولية كمُدرب في التفكير التصميمي.

المهارات اللي اكتسبتها
- التعاطف الحقيقي: مش بنفترض، بننزل ونسمع ونلاحظ.
- المرونة: كل فكرة قابلة للتعديل والاختبار.
- العمل الجماعي بذكاء: كل فرد في الفريق له دور وصوت.
- التنقل بين التفكير الإبداعي والتحليلي.
- القدرة على تصميم تجارب وليس فقط حلول.
التطبيق على أرض الواقع في مصر
بعد ما رجعت، بدأت أطبق التفكير التصميمي في شغلي كمدير تسويق، التطبيق الحقيقي للتفكير التصميمي جه لما كنت مشارك في إحدى الورش، وكان التحدي هو: إزاي نوصل صوت الباحثين عن عمل بطريقة جديدة ومؤثرة؟
ومن هنا طلعت فكرة “The JobSeeker” — مجلة كوميكس بتناقش تحديات سوق العمل، خاصة للشباب والبنات اللي في بداية مشوارهم. الفكرة كانت بسيطة لكن مختلفة: نستخدم الفن والقصص المصوّرة علشان نوصل رسائل عن الشغل، المرتبات، المقابلات، التقديم، وتوقعات السوق، وكل ده بلغة خفيفة وقريبة من الناس.
الصورتين اللي فوق دول من أول نموذج اشتغلت عليه في ألمانيا، لكن التطبيق الحقيقي حصل في مصر مع شركة جوبزيلا، لما أطلقت أول مجلة كوميكس متخصصة في الشغل في الشرق الأوسط: “مجلة الشغل”
استخدمنا فيها كل أدوات التفكير التصميمي: مقابلات مع باحثين عن عمل، اختبار الأفكار، نماذج أولية، تطوير بناءً على التعليقات، لحد ما المجلة شافت النور.
وده كان بالنسبة لي الدليل العملي على إن التفكير التصميمي مش بس نظرية… ده طريقة شغل بتخلق أثر حقيقي.استخدمته في:


هل التفكير التصميمي مناسب للسياق المصري؟
السؤال ده بيتكرر كتير… وإجابتي: آه، بس محتاج وقت وصبر.
التفكير التصميمي بيتحدى الطرق التقليدية في الإدارة والتخطيط، وده ممكن يخلي فيه مقاومة في البداية. لكن لما بتبدأ بنتايج صغيرة، الناس بتتفتح، وبتبدأ تحس بقيمة الفهم العميق للمستخدم.
وفي مجالات زي التعليم والتسويق، التفكير التصميمي مش رفاهية… ده ضرورة.
كيف تبدأ تتعلم التفكير التصميمي؟
لو حابب تبدأ، فيه مصادر ممتازة:
- IDEO U
- HPI Academy
- Coursera – Design Thinking
- الورش المحلية بالتعاون مع GIZ أو مؤسسات مثل D-CAF, Nahdet El Mahrousa, AUC Venture Lab
كيف ربطت بين التفكير التصميمي والتسويق؟
هنا بقى الرابط الأهم. أنا بشتغل في مجال التسويق من سنين، وكان دايمًا في صراع داخلي: إزاي أروج لمنتج بضمير؟ إزاي أخاطب الناس بلغة حقيقية مش تجارية؟
لما دخل التفكير التصميمي في المعادلة، كل حاجة اختلفت.
- بقى عندي منهج لفهم الجمهور مش بس رقميًا، لكن نفسيًا.
- بقى فيه مساحة لاختبار الرسائل التسويقية قبل تعميمها.
- بقى الفريق بيشتغل مع بعض على حل مشكلة العميل، مش بس تنفيذ حملة.
من الآخر، التفكير التصميمي خلاني أرجّع المعنى الإنساني للشغل اللي بعمله.
خلاصة الرحلة
من أول ورشة صغيرة في القاهرة، لحد قاعة تدريب في كولن، ومن حملات تسويق رقمية لقصص نجاح واقعية… رحلة التفكير التصميمي كانت ولازالت بتشكل طريقة تفكيري.
لو أنت في مجال التسويق، أو بتشتغل مع الناس، أنصحك تبدأ تتعلم وتطبّق التفكير التصميمي. مش علشان تبقى “تريندي”، لكن علشان تشتغل بضمير، وتبني حلول فعلاً بتفرق.
وصدقني… الناس بتحس.
قريبًا: هشارك دليل عملي تطبّق بيه التفكير التصميمي في التسويق، بخطوات بسيطة وأمثلة من السوق المصري. تابعني عشان توصلك أول نسخة.